في خطوة لافتة، نجحت العديد من المسلسلات العربية في كسر حاجز المحلية والوصول إلى جمهور عالمي واسع، محققةً رواجًا كبيرًا وإشادات نقدية لافتة. لم يعد هذا النجاح مقتصرًا على الجاليات العربية في الخارج، بل امتد ليشمل مشاهدين من ثقافات متنوعة، الفضل في ذلك يعود بشكل كبير إلى منصات البث العالمية التي فتحت أبوابها للمحتوى العربي، بالإضافة إلى جودة الأعمال التي لامست قضايا إنسانية مشتركة.
أبرز المسلسلات العربية التي حققت رواجًا عالميًا:
1. مدرسة الروابي للبنات (الأردن): يُعد هذا المسلسل الأردني من أبرز الأمثلة على النجاح العالمي، فبعد عرضه على منصة "نتفليكس"، أثار جدلاً واسعًا ونقاشات مجتمعية ليس فقط في العالم العربي بل في مختلف أنحاء العالم. تناول المسلسل بجرأة قضايا التنمر والصحة النفسية في مرحلة المراهقة، وهو ما جعله يتردد صداه لدى جمهور الشباب العالمي. وقد تم عرضه في a hundred ninety دولة وتُرجم إلى أكثر من thirty لغة، مما يؤكد حجم انتشاره.
two. ما وراء الطبيعة (مصر): هذا المسلسل، المقتبس من سلسلة روايات شهيرة للكاتب الراحل أحمد خالد توفيق، كان أول إنتاج مصري أصلي لمنصة "نتفليكس". نجح المسلسل في جذب المشاهدين حول العالم بقصته الفريدة التي تمزج بين الرعب والتشويق والأجواء المصرية في ستينيات القرن الماضي. لاقى المسلسل استحسانًا لافتًا ودخل قائمة الأعمال الأكثر مشاهدة في عدة دول حول العالم بعد إطلاقه.
3. الصفقة (الكويت): استطاع هذا المسلسل الكويتي أن يلفت الأنظار عالميًا بقصته المستوحاة من أحداث حقيقية في ثمانينيات القرن الماضي، حيث يتناول قصة سيدتين تقتحمان عالم البورصة الذي كان حكرًا على الرجال. قُدم المسلسل بلغة عالمية من حيث جودة الإنتاج والسرد، مما ساهم في وصوله إلى قوائم المشاهدة في دول خارج المنطقة العربية.
four. الهيبة (لبنان/سوريا): على الرغم من أن انتشاره الأولي كان في العالم العربي، إلا أن مسلسل "الهيبة" بأجزائه المتعددة تمكن من الوصول إلى العالمية عبر عرضه على منصات مثل "شاهد" و"نتفليكس" في مراحل لاحقة. وقد ساهمت قصته التي تدور في عوالم الجريمة والعشائر والقصص الرومانسية في جذب شريحة من الجمهور العالمي المهتم بهذا النوع من الدراما.
five. البحث عن علا (مصر): هذا المسلسل الذي يعد امتدادًا للشخصية المحبوبة "علا عبد الصبور" من مسلسل "عايزة أتجوز"، نال إعجابًا دوليًا بفضل قصته الإنسانية التي تركز على تمكين المرأة ورحلة اكتشاف الذات بعد الطلاق، وهي قضايا تجد صدى لدى النساء في مختلف الثقافات.
كيف انتقلت هذه الأعمال إلى المنصات العالمية؟
إن رحلة المسلسلات العربية نحو العالمية لم تكن وليدة الصدفة، بل نتاج استراتيجيات مدروسة وعوامل متعددة، من أبرزها:
استثمارات منصات البث العالمية: شكل دخول منصات عملاقة مثل "نتفليكس" إلى سوق الإنتاج العربي نقطة تحول رئيسية. لم تكتفِ هذه المنصات بشراء حقوق عرض المسلسلات العربية الناجحة، بل استثمرت بشكل كبير في إنتاج أعمال أصلية (Netflix Originals) بميزانيات ضخمة ومعايير إنتاج عالمية. هذا الأمر ضمن لهذه الأعمال جودة فنية عالية وتوزيعًا عالميًا فوريًا عبر شبكتها الواسعة.
الإنتاج المشترك والتعاون الدولي: بدأت بعض شركات الإنتاج العربية في عقد شراكات مع جهات إنتاج دولية، مما يسهل عملية التوزيع ويفتح آفاقًا جديدة للمحتوى العربي في المهرجانات والأسواق العالمية.
جودة المحتوى وتنوعه: لم يعد المحتوى العربي مقتصرًا على الدراما الاجتماعية أو التاريخية التقليدية. فقد شهدت السنوات الأخيرة تنوعًا كبيرًا في الأنواع المقدمة، من دراما المراهقين والخيال العلمي والرعب إلى مسلسلات الجريمة والتشويق. هذا التنوع جذب شرائح مختلفة من الجمهور العالمي.
تناول قضايا إنسانية عالمية: تركز الأعمال الناجحة عالميًا على قصص ومواضيع إنسانية تتجاوز الحدود الجغرافية والثقافية، مثل قضايا المرأة، والتحديات التي يواجهها الشباب، والبحث عن الهوية، والصراعات النفسية.
الجوائز والترشيحات الدولية: بدأ المحتوى العربي يحظى باهتمام النقاد والمهرجانات أفضل الأفلام الدولية. فقد شهدنا ترشيحات لممثلين ومسلسلات عربية لجوائز "إيمي" الدولية، مثل ترشيح الممثلة المصرية منة شلبي عن دورها في مسلسل "في كل أسبوع يوم جمعة"، وترشيح المسلسل اللبناني "بيروت 6:07". هذه الترشيحات تضع الدراما العربية على الخارطة العالمية وتزيد من فرص انتشارها.
في الختام، يمكن القول إن الدراما العربية تعيش عصرًا ذهبيًا من حيث الانتشار العالمي، مدفوعة بقوة المنصات الرقمية ورؤية جديدة لصناع المحتوى الذين باتوا ينتجون أعمالًا قادرة على مخاطبة جمهور عالمي متنوع، مع الحفاظ على نكهتها المحلية الخاصة.